انتهاء هدنة الرسوم بين أميركا والصين.. سيناريوهات مفترق الطرق

2025.08.11 - 02:22
Facebook Share
طباعة

في مايو أيار 2025 اتفقت الولايات المتحدة والصين على هدنة تجارية مدتها 90 يوماً خفّضت الرسوم الجمركية من مستويات قياسية بلغت 145% في أبريل نيسان، وأوقفت إجراءات عقابية إضافية لفتح المجال أمام المفاوضات.
ومع اقتراب انتهاء المهلة في 12 أغسطس آب، وغياب أي إعلان عن التمديد، يواجه أكبر اقتصادين في العالم خطر عودة الرسوم المرتفعة، ما يهدد بفرض حاجز تجاري شبه كامل يعطل تدفقات التجارة العالمية ويزيد من توتر الأسواق.
حالياً، تواجه الصادرات الصينية إلى أميركا مجموعة متراكمة من الرسوم تشمل 20% مرتبطة باتهامات تهريب الفنتانيل، و10% رسوم أساسية، إضافة إلى 25% على بعض السلع منذ الولاية الأولى لترامب.
أما الصين، فترد برسوم بمتوسط يتجاوز 32.6% على الواردات الأميركية تشمل منتجات زراعية ولحوماً وسلعاً غذائية أساسية، ما يجعل كل تبادل تجاري بين البلدين محاطاً بحواجز ثقيلة.
تراجع التجارة بين أميركا والصين بالأرقام
الأرقام الأخيرة تكشف تراجعاً متواصلاً في حجم التبادل بين العملاقين، فالصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة انخفضت بنسبة 4% في يوليو تموز مقارنة بالعام الماضي، وهو الشهر الرابع على التوالي من التراجع، بينما هبطت الواردات الأميركية من الصين بنسبة 19% بين يناير كانون الثاني ويوليو تموز.
وعلى الضفة الأخرى، تعوض الصين جزءاً من خسائرها عبر توسيع صادراتها إلى رابطة دول جنوب شرق آسيا بنسبة 13.5%، وهو ما يثير المخاوف الأميركية من لجوء الشركات الصينية إلى إعادة شحن السلع عبر أطراف ثالثة لتجنب الرسوم، لكن تهديد ترامب بفرض رسوم 40% على السلع المعاد شحنها قد يضع حداً لهذه الممارسات، رغم أن تعريف «السلع المعاد شحنها» لا يزال غامضاً.
فول الصويا في قلب الحرب التجارية بين أميركا والصين
وسط هذه التوترات، قرر ترامب اللعب على وتر حساس في الداخل الأميركي، مطالباً الصين علناً بمضاعفة وارداتها من فول الصويا أربع مرات، في محاولة لتقليص فائضها التجاري مع الولايات المتحدة ودعم المزارعين الأميركيين الذين يعدون من قاعدته الانتخابية الصلبة.
تستورد الصين نحو 20% من احتياجاتها من فول الصويا من أميركا، وهو نصف ما كانت تشتريه قبل بداية الحرب التجارية في 2016، لكن تلك النسبة تراجعت بشدة في النصف الأول من 2025 بنحو 39%، ما عمق مخاوف المنتجين الأميركيين.
ومع اقتراب موسم الذروة بين نوفمبر تشرين الثاني ويناير كانون الأول، تصبح الرسوم الحالية عقبة قد تجعل بكين تحجم عن شراء كميات كبيرة، وهو ما يهدد بإحداث فجوة في دخل المزارعين الأميركيين.
أشباه الموصلات والمعادن النادرة.. شد وجذب تكنولوجي
لا يقل الملف التكنولوجي سخونة عن الزراعة، فقد أعلنت واشنطن فرض رسوم بواقع 100% على واردات أشباه الموصلات، مع إعفاء الشركات التي تلتزم ببناء مصانع داخل الولايات المتحدة.
وقبلت شركات مثل إنفيديا وAMD بدفع 15% من إيرادات مبيعاتها إلى الصين مقابل الحصول على تراخيص تصدير، في خطوة يرى بعض المراقبين أنها قد تدفع بكين إلى تسريع تطوير صناعتها المحلية.
من جانبها، استخدمت الصين نفوذها في سوق المعادن النادرة لتخفيف القيود على الصادرات نحو أميركا في يونيو حزيران، ما أدى إلى قفزة بلغت 60% في الصادرات العالمية، غير أن السوق ظل متقلباً، مع زيادات حادة في صادرات المغناطيس الدائم إلى الولايات المتحدة.
النفط الروسي.. ورقة ضغط إضافية في الحرب التجارية
لم يكتفِ ترامب بالجبهة الصينية، بل لوّح أيضاً بسلاح الرسوم ضد واردات بكين من النفط الروسي، بعد أسبوع واحد من فرضه رسوماً بنحو 50% على الهند للسبب ذاته.
وتبقى الصين أكبر مشتر للنفط الروسي، إذ بلغت وارداتها في يوليو تموز نحو 1.006 مليار دولار، وهو أعلى مستوى منذ مارس آذار رغم انخفاضه بنسبة 7.7% على أساس سنوي.
أي تحرك أميركي في هذا الملف قد يدفع أسعار النفط العالمية إلى القفز، مع تقديرات تشير إلى أن خفض مشتريات الهند بمقدار 1.7 مليون برميل يومياً يمكن أن يرفع الأسعار من 66 دولاراً إلى أكثر من 80 دولاراً للبرميل، وهو ما سيترك بصماته على الاقتصاد العالمي بأسره.
السيناريوهات المحتملة بعد انتهاء هدنة الرسوم
تتراوح التوقعات بين 4 مسارات رئيسية:
الأول هو تمديد الهدنة تسعين يوماً إضافية، ما يمنح الأسواق فترة استقرار نسبي واستمرار التفاوض حول الملفات الزراعية والطاقة وأشباه الموصلات.
الثاني يتمثل في انتهاء الهدنة وعودة الرسوم القصوى، وهو سيناريو سيشكل ضربة مزدوجة للتجارة العالمية والنمو في البلدين.
أما الثالث فهو صفقة جزئية تشمل زيادة مشتريات الصين من السلع الأميركية مقابل تخفيف الرسوم على فئات محددة.
في حين أن الرابع، والأكثر خطورة، هو التصعيد على جبهات متعددة، بدمج ملف الرسوم مع قضايا سياسية كالنفط الروسي والتكنولوجيا المتقدمة.
خريطة المسار المقبل للتجارة العالمية بعد انتهاء الهدنة
في حال عدم التمديد، يتوقع المحللون أن تشهد الصادرات الزراعية الأميركية تراجعاً حاداً، مع ضغوط تضخمية داخلية ناجمة عن ارتفاع تكاليف الواردات، الأمر الذي قد ينعكس على المستهلك الأميركي مباشرة.
وفي الصين، ستتسارع وتيرة تنويع الأسواق وتطوير القدرات المحلية لتقليل الاعتماد على التكنولوجيا الأميركية.
أما على المستوى العالمي، قد يؤدي هذا التصعيد إلى اضطراب واسع في سلاسل التوريد، خاصة في قطاعي الإلكترونيات والطاقة، ما يضع الحكومات والشركات أمام تحديات معقدة تتجاوز الأرقام إلى إعادة رسم خرائط التجارة الدولية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 8